{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)}{أساطير الاولين} ما سطَّره المتقدمون من نحو أحاديث رستم واسفنديار، جمع: أسطار أو أسطورة كأحدوثة {اكتتبها} كتبها لنفسه وأخذها، كما تقول: استكب الماء واصطبه: إذا سكبه وصبه لنفسه وأخذه. وقرئ: {اكتُتبها} على البناء للمفعول. والمعنى: اكتتبها كاتب له، لأنه كان أمّياً لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه، ثم حذفت اللام فأفضى الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه كاتب، كقوله: {واختار موسى قَوْمَهُ} [الأعراف: 155] ثم بنى الفعل للضمير الذي هو إياه فانقلب مرفوعاً مستتراً بعد أن كان بارزاً منصوباً، وبقي ضمير الأساطير على حاله، فصار {اكتتبها} كما ترى.فإن قلت: كيف قيل: اكتتبها {فَهِىَ تملى عَلَيْهِ} وإنما يقال: أمليت عليه فهو يكتتبها؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أراد اكتتابها أو طلبه فهي تملى عليه. أو كتبت له وهو أمّي فهي تملى عليه: أي تلقى عليه من كتابه يتحفظها: لأنّ صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب.وعن الحسن: أنه قول الله سبحانه يكذبهم وإنما يستقيم أن لو فتحت الهمزة للاستفهام الذي في معنى الإنكار. ووجهه أن يكون نحو قوله:أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الْكِرَامَ وَأَن *** أُورَثَ ذَوْداً شَصَائِصَاً نَبَلاَوحق الحسن أن يقف على الأولين، {بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أي دائماً، أو في الخفية قبل أن ينتشر الناس، وحين يأوون إلى مساكنهم.